مَقولتان دفعتني لخوض تَجربة فَريدة من نوعها سللت إلي قلبي حالة من الصفاء والسلام الداخلي وحَمستني لكتابة ذلك ليس في سطور وإنما في كتابٍ يدعو لسحر التفاؤل والتغيير الملحوظ أولهما:
"الطريقة الوحيدة لاكتشاف حدود الممكن هي تخطي هذه الحدود قليلا إلى المستحيل ."
آرثر سي كلارك
والثانية:
"أعظم التحولات تأتي من أصغر التغيرات. تغيير بسيط في سلوكك يمكن أن يغير عالمك ويعيد تشكيل مستقبلك ." أوبرا وينفري
يُحيط بكل منا عالمٍ يختلق له مبادئ وأخلاقيات وأنماط ليسير وفقها ولكن كثيرًا يخطئ هذا العالم الجامح ليجعلنا مقيدين ويخرجنا من دائرة الفطرة التي فطرتنا عليها, لنصبح بذلك أسري أفكار مجتمعية لا تسمن ولا تغني من جوع, ولذلك قررنا في نفهم أن تُقلع طائرتنا هذة المرة إلي المدارس الحِكومية لتكون أول تجربة من نَوعها لرصد مواهب الطلاب المدفونة بجهلنا بكيفية إستخراجها من منبعها الأصلي.
وللقفز للمستحيل فورًا قررنا بكل حماسة إختيار مجموعات مختلفة من الطلبة من مدارس حكومية متعددة ببيئات متنوعة وتدريبهم ليكونوا نواة "عِلمٌ يُنتفع به" والتجربة كانت خير شاهد ودليل علي أن الطالب الباحث عن العِلم لا يأرقهُ ظروف إجتماعية وإنما شغفهُ هو الذي يدفعهُ ليكون إنسان أفضل ضمن مجتمع لا يعترف إلا بالأرقام!
ومنذُ أن طرحنا الفكرة علي جمعية "صُحبة خير" الخيرية قُبلت بالترحاب وبدأنا الرِحلة بتمكين كُل طالب لمعرفة مهاراته والبحث عن أدوات لتطويرها في إطار "نفهم" الذي يدعم شَرح الدروس التعليمية بأكثر من طريقة لإفادة أكبر عدد من الطلاب بطرق مختلفة لتطردعن أفكارهم اللجوء للدروس الخصوصية لننقلهم من حيث محدودية الإختيارات أو الإستسلام لوهم الدراسة هي أصعب ما يكون علي وجه الكون إلي متعة التعلم ببساطة ورقي.
وأمتع ما يكون هو إكتشاف مكنون الطالب الباحث عن متعة التعلُم والإفادة ولهذا مررتُ معهم بمواقف كثيرة أستوقفتني منها:
- الدافع الحقيقي وراء إصرار هؤلاء الطلبة ليس مجرد لأنهم بمدارس حكومية وإنما أحلامهم وأهدافهم التي تتعدي ذلك بكثير, فكان من الطبيعي أن تري إنجازهم للأشياء بإتقان وحب وإحسان.
- مُتعة التعلم والنجاح ليست مشروطة بأدوات مادية إنما هي شكليات وضعناها نحن لنتطمئن علي حججنا الواهية للكسل فتري طالب يشرح درس بأبسط الإمكانيات متحديدًا نفسهُ أولًا ومراهنًا علي صِدق رسالته وهدفه, علي عكس طالب ينتظر كل الظروف لتُتيح له الفرصة للإبداع ومن هنا تأتي البساطة كعنوان لوصف أداة هامة جدًا "التفكير الإيجايبي لحل المشكلات".
- "رِحلة التعلم لا تنتهي" وإنما هي كسلسة كلٌ منها يفتح للأخر طريق يُري منه عالم جديد فريد ملئ بالكنوز والأسرار وهذا ما شجع الطالبة "فاطمة" بعد التعرف علي مبادئ تقديم فيديو إبداعي أن تسألني بشغف عن ماهية إنتاج فيديو ممتع كهدية لإحدي صديقتها في عيد ميلادها مما أسعدني وأورّد عليَّ شكر لله لنعمة "فضل العِلم".
وأثناء تصوير الدروس بالكورس وجدت من طلابنا ما يدعو للفخر والحماسة وما يبعث في النفْس البهجة والسعادة في آن واحد فدعوني أطلعكم علي سفراء نفهم في مستقبل :
**عبدالرحمن**: منذُ الوهلة الأولي التي تحدثنا فيها لاحظ فيه شدة تعلقهُ بالمعرفة وأنها دليلهُ للوصول. فوجدهُ يسألني دومًا عن أشياء ليست بمحتوي الكورس دلتني علي حضورهُ الذكي وسرعة تعلمه وأنه يتفرد من بين زملائه بإيمانه بما يسعي إليه.
**جِهاد خَالد**: لم أجد إبتسامة كمثل إبتسامتها التي رسمت علي وجهي السعادة طِيلة فَترة التصوير بالكورس وتتميز بَطلتي بذاكرة بَعيدة المدي تسمح لها بإسترجاع ما تم فهمه بالدرس سريعًا.
**سيد**: أعتبره من أشجع الطلاب لإقدامه أثناء التدريب لعرض تقديمي لأول مرة لإحدي الدروس دون خوف أو حتي تردد وذلك جعلني أثق في قدراته قبل أن أعرفها عَن قُرب. إضافةً إلي روحهُ الطَلقه التي نقلتني في لَحظة من أجواء تحضير درس تعليمي إلي حالة إستمتاع بكل ما هو سهل بسيط.
**منه**: تحمسها جعلني أحبُ حقًا مادة الدراسات الإجتماعية وتحديدًا الجغرافيا وكأنها تقمصت دور مذيعة النشرة الجوية للحظات وحبها لما تفعلهُ زاد من نجاج هذا العمل المقدم.
لم تتوقف رِحلتنا عِند هذا الحد من الوصف وإنما تعدت ما يفوق توقعاتنا نحن أثناء التحضير, ولم يمكننا الوقت لنتحدث عَن كل الوجوه المُغردة بالأمل وكل المواقف التي جمعتنا بِهم ولكننا نستطيع أن نُجمع بأن التجربة في حد ذاتها مفعمة بالتحديات والإصرار علي هزيمة أي عقبات.
ونوجه رسالتنا لكل طالب عِلم أينما كَان بأن متعة الرحِلة ليست تَكمن في الوصول وإنما في مراحل نضجنا لإكتشاف طريقة الوصول ومعالجتنا نحن لمجريات الأمور.
-------------------------------------------------------------------------
**كتبهُ: [سارة مجدي أبوكيفة](https://www.nafham.com/profile/238674)
مراجعة : [سماء اسكندر](https://www.nafham.com/profile/379932)
إشراف : [محمد جودة](https://www.nafham.com/profile/331) **
التعليقات