![](https://www.nafham.com/uploads/blog/25726/المدرسة.png)
حان موعد بدء الدراسة والجميع متأهب ومستعد للذهاب للمدرسة؛ ولكن هل أبنائنا لديهم حقاً الرغبة في الذهاب أم أنهم يتعاملون مع الموقف علي أنه فرض واجب؟ دائماً ما يشغل بالك لماذا أحب مادة الرياضيات ويكرهها صديقي؟ لماذا يحب صديقي مادة الفلسفة وأنا لا أُطيق صبراً عليها؟ لماذا لا يرغب ابني في الذهاب اليوم لأن اليوم لديه مادة التربية الفنية؟ لماذا يتشتت ذهن تلاميذي وأنا أشرح الدرس ولا أستطيع جذب انتباههم؟ تساؤلات عديدة تدور في عقل كل مُربّْي، يضع كتاب لماذا لا يحب التلاميذ المدرسة شرحاً مبسطاً وآلية للتعامل مع عدم رغبة التلاميذ بالدراسة وكيفية إثارة الرغبة والشغف لديهم للذهاب إليها وتنمية مهاراتهم، يمكنك اللجوء إليه والاستفادة منه.
"إننا فضولوين بالفطرة، لكننا لسنا مفكرين أكفاء بالفطرة؛ فإن لم تتوافر الظروف المعرفية المواتية، فسوف نتحاشى التفكير"، يثير الكاتب فكرة أن العقل ليس مُصمم للتفكير حيث أنه عملية مُعقدة تحتاج لجهد كبير وغير مؤكد الحصول علي نتيجة تشبع نهمك وبالتالي يبتعد العقل قدر الإمكان عن تلك العملية إذا لم تُتاح الظروف التي تساعدك على التفكير والفوز والخروج بحل المشكلة، علي عكس خاصيتي الإبصار والحركة فهما لا يحتاجان للتفكير، فهما عمليتان معرفيتان يفعلهم العقل بشكل لا إرادي أغلب الوقت وتحتاج القليل من الجهد، حيث تملك معرفة مسبقة عما سوف تراه وما الاتجاه الذي تريد الحركة به.
إن آلية عمل التفكير تعتمد اعتماداً كلياً علي الذاكرة بأنواعها، سواء كانت الذاكرة العاملة "الوعي" أو الذاكرة طويلة المدى، حيث تحتفظ الذاكرة العاملة بالأشياء اللحظية التي تُفكر فيها وتستخدمها حالياً أو فيما بعد عند حاجتك إليها؛ أما الذاكرة طويلة المدي والمعروفة بإسم "المخزن" يتم فيها حفظ الذكريات وكل ما سبق ورأيته في حياتك وأصبح لديك معرفة به، فيتم تخزينه لحين احتياجه في موقف ما أو تذكر شخص قابلته فتبدأ الذاكرة طويلة المدي بإرسال معلومات للذاكرة العاملة وتستحضرها أنت فتتعرف علي الشئ، لذلك يفسر الكتاب أن عملية التفكير تمثل شئ معقد إذا لم يكن لديك معرفة عامة عن الموضوع، لذلك يتشتت ذهن الطالب عند سماع المعلومة للمرة الأولى فوجب عليك التكرار وكما قيل "التكرار بيعلم الشطار" .. نعم هذه المعلومة حق؛ حيث يكون لديك معرفة مسبقة عن الشئ فتبدأ بتكوين معرفة عامة للمرة الأولى ثم الثانية تنتبه أكثر وهكذا إلي أن يصبح الشيء سهل وسلس بالنسبة إليك، "تسمح المعرفة العامة بالتجميع الذي يوفر مساحة كبرى في الذاكرة العاملة، مما يسهل ربط الأفكار ومن ثم يسهل الاستيعاب".
![](https://www.nafham.com/uploads/blog/25726/school.jpg)
حسنًا قد عَلِمْنّا الآن لماذا يبدو التفكير عملية صعبة في البداية إذا لم تتوافر لدينا المعلومات، مما يجعل الدراسة لأشياء جديدة تحتاج للتفكير الذهني تبدو مملة، فكيف تصل بطلابك للشغف بالدراسة وكيفية جذب انتباههم للمعلومة الجديدة؟ "ثمة خطر كبير اليوم؛ هو أن ينحط تدريس العلوم ليصير مجرد تكديس لحقائق غير مترابطة ومعادلات غامضة؛ الأمر الذي من شأنه أن يضع عبئاً علي الذاكرة دون غرس الفهم" .. التدريس مهمة عظيمة وشاقة في الوقت ذاته، أنت مسئول عن عقل أحدهم تغرس فيه ما تشاء من المعلومات؛ إما أن تجذبه لفهمها مما يساعده علي تطويرها فيما بعد أو تجعله مجرد حمار يحمل أسفارا، إن إدراكك للفرق بين الشيئين سيجعلك تتسائل وكيف أجعل طلابي يحبون المدرسة؟
**1- تأكد من وجود مشكلة تحتاج إلي حل**
ليس بالمعني الحرفي لكلمة مشكلة؛ بل بإيجاد شئ يثير ذهن طلابك عن ماهية ما ستقوله، أن تعمل علي إثارة ذهنهم بسؤال أو أحجية أو معلومة غائبة عنهم، هكذا ستجذب انتباههم إليك، كأن تخبرهم أنك ستقيم منافسة في نهاية الشرح عن بعض معلومات المحاضرة وستكون هناك جوائز، لذلك احرص دائماً أن تجعلهم يفكرون بأسلوب شيق وممتع.
**2- احترم الحدود المعرفية للتلاميذ**
أن تسأل طفل غير أن تسأل بالغ، أن تسألني كيف أعالج مريض؟ في حين لم أدرس الطب فهذا يدل علي الحمق!؛ هكذا التعامل مع التلاميذ، احترم الحدود المعرفية للطلاب مع مراعاة السن وهل سبق لهم وجود خبرة أم لا؟، أنت لا تضع سؤال للتعجيز أو تتحداهم في مسابقة معلومات؛ بل يكون السؤال لإثارة حيرة بسيطة وجذب انتباه ليس أكثر مع الحرص أن يضيف السؤال المتعة والحس بالمنافسة وكذلك معلومة جديدة يكتسبها الطالب.
**3- توضيح المشكلة المراد حلها**
"إننا بارعون في تقديم الإجابة؛ لكننا فاشلون في صياغة السؤال" .. إن صياغة السؤال عامل مهم في جذب الطالب وتنمية شغفه، فهل بذلت وقتاً في كيفية عرض السؤال وتوضيحه للتلميذ بدلاً من الدخول في متاهات هل يقصد هذا أم هذا؟ إن توضيح المشكلة المطروحة يوفر جهد الطالب في التفكير إلي ماذا يريد أن يصل؟ وقد وفرت عليه مجهود ذهني ليس له أهمية.
![](https://www.nafham.com/uploads/blog/25726/159671.jpg)
**4- اقبل اختلاف استعداد التلاميذ للتفوق وتصرف بناء على ذلك**
الجميع لا يذهب للمدرسة لدخول كلية الطب، وليس التفوق والمعرفة محصور علي المسائل الرياضية التي سيبرع بحلها الطالب، أن تقبل اختلاف المستوى التعليمي والتفكيري للطالب هو بداية فهمك لكيفية التواصل معهم والوصول بهم للشغف بالعلم؛ وبالتأكيد درجة الشغف ستختلف من تلميذ لآخر؛ لكن الجميع سيخرج باستفادة؛ لكن البعض يطرح بدلاً من ذلك تقسيم الطلاب بدرجة تفوقهم عمن هم ضعفاء، هذا بداية الفشل يا صديقي، أن تحصر تلميذ في خانة من تصنيفك لأنك فشلت في إيصال المعلومة له غير مدرك حدوده الفكرية والبيئية لهو عين الفشل؛ حيث تساعد التنشئة أحدهم عن الآخر فالبعض لديه أبوين يساعدانه علي التعلم من صغره علي عكس الآخر فالمدرسة والصف هما بداية خطوته للتعلم، ستجد من هؤلاء الكثير؛ مهمتك أن تحترم اختلافاتهم وحدودهم المعرفية وأن تصل بهم إلى الحد المطلوب من المعلومة دون أن تفرض عليهم حدودك المعرفية معلناً بذلك فشلهم.
--------------------------------
**كتبتهُ: [ياسمين يسري](https://www.nafham.com/profile/315407)
مراجعة : [سماء اسكندر](https://www.nafham.com/profile/379932)
إشراف : [محمد جودة](https://www.nafham.com/profile/331)
**
التعليقات